السبت، 25 أكتوبر 2008

رسالة عيد الحب









الجنس علاقة اندماجية نوعية لا تقبل التوظيف

توصلت الغايات البشرية المرتبطة بنظام السلعة المؤثرة على سلامة الوجود ونظافة الوعي من الرخص الجاري في مسار السلوك البشري وتوظيف الشهوة والميول الحادة عند الجنس لخلق واقع مستهتر يتحرك من مجراه الأسفل فيؤثر على تطبيق الوعي الحقيقي في مجراه المعبر عن طموح الإنسان نحو التقدم المرتبط بالحرية والثقافة فالجنس هو الصيغة الكمالية للنمو والاستقرار وتحقيق الحياة العضوية في استمرارها الدائم والمعبر عن فاعلية دائمة وعميقة في وعيها وعقلها والمعدة لتحقيق الرغبة الناتجة عن الغريزة العضوية النابعة من الأصولية الصحيحة وتحقيقها في أعلى غايات الوعي المنسجم مع هذه الرغبة يتفاعل الكائنات معها على أساس موضوعي ولغايات إنسانية مرتبطة بالتواصل وتوسيع نظام الانفتاح إلى أقصى حد فالجنس هو انفتاح الجسد على الجسد والوعي على الوعي والحب يتعمق في واقع التطبيق والتطابق بعيدا عن الخطأ الناتج عن الفهم المنحرف للعلاقات الجنسية الدونية أو الفوقية من أجل تتويج الذكورة بشكل يجعل منها صيغة أخلاقية قهرية ناجمة عن الاحتقار المتولد عبر الفكر التاريخي ومفاهيمه القائمة على الانحراف عن طبيعة الإنسان الطبيعية وغاياته المتسامية بعد تجاوز التشوه في ماهيته الجوهرية المتشكلة من النزعة الدائمة في تحقيق السيطرة والتنوع في العلاقات الجنسية بأساليب بعيدة عن الموضوعية وذات أهداف في حقيقتها إجرامية
مبنية على العنف والسريّة في إقامة مثل هذه العلاقات .
فالجانب العلمي للعلاقة الجنسية يدعوها أن تحقق أعلى صيغ الكمال الشخصي للصيغة الفردية عبر هذا التبادل بين كائنين واعيين ومتساويين ومتكاملين , على أن تكون هذه العلاقات مبنية على مقدرة معرفية كاملة للوعي النقدي الدائم . وعندما يتخذ الجنس أبعاداً انحرافية بعيدة عن السوية الإنسانية يجب أن يكون النقد واضحاً وعلنياً دون أن يرافق ذالك أي اعتبار آخر غير مصلحة الطرفين الجنسية , عندها يصبح الجنس في واقعه إنسانياً ويخدم المسيرة الإنسانية النامية .
فالحياة والجنس قضيتان متلازمتان مع الحالة المتولدة من وصول النضج الجنسي لأنه المقياس الوحيد لإقامة العلاقة الجنسية بين الطرفين بطبيعية تامة , لأن الإنسان يتبع حياته العضوية في حياته هو لا في حياة غيره وكل ما يهمه تأمين مستلزمات وجودها من خلال التجمعات البشرية التي يعيشها . ولا تتسم السمة الجنسية بغير السمة الموجودة من أجلها فهي تعبير عن الحاجة والنضج أولاً وتعبير عن متابعة الحياة التناسلية من الناحية الثانية .
فالدخول التاريخي في دائرة التخصص الجنسي أدى إلى نشوء مجموعة متنامية من القوانين والمبادئ المؤدية إلى ظهور العلاقات الجنسية المحدودة بما يؤدي إلى الاستقلالية التامة وعدم التورط في متاهات الحياة الجنسية المتشابكة والغير مؤطرة بارتباطات ناتجة عن التوافق والتفاهم وتشكل منظومة أولية من البنية الاجتماعية في إطار أسرة واحدة , اكتسب مجموعة من قيم التحليل والتحريم واتخذت مع التقدم طابع الدقة والجدية التامة في التنفيذ , وأصبحت قوانين العلاقات الأسروية قائمة في ذاتها , أدت إلى تقليص نفوذ الطرفين الذكر والأنثى على السواء لكن الخسارة الأكبر كانت من نصيب الأنثى لمنعها من قدرة التحكم بالعملية الجنسية بالاختيار الحر.
إن صيغة الزواج هذه تمت بكثير من الدقة والحرص جعلها تتخذ منحى ثابتاً ومستقراً عبر التاريخ وأصبحت الأسرة هي الكينونة المصغرة عن الحياة الجماعية القديمة , وأصبحت الرابطة الأسروية أقوى الروابط وأكثرها التزاماً بالمبادئ والأسس الصادرة عن الأوضاع المرتبطة بالمجتمع .
واتخذ الأب الأسروي الصفة القائدة والموجهة بدون منافسة , وتعمق الالتزام بهذه الروابط عبر مسيره طويلة من المشاكل الإنسانية أدت إلى تباينات في عملية الامتلاك المادي الفردي وامتلاك القيم الأخلاقية الفردية على السواء , خلق واقعاً تناقضياً بين المصالح بالدرجة الأولى والمفاهيم الفوقي بالدرجة الثانية واستمر الوعي البشري بالتقلب وتكديس المعارف المقيدة لحرية التصرف والسلوك.
فكان الانبعاث الكبير للأديان له بالغ الأثر في تشكيل مثل هذه المفاهيم , لتوحيد المعارف الإنسانية بناءً على تعليمات مشتركة صادرة عن أوامر فوق عادية من أجل الناس أنفسهم ومن أجل تأمين السلامة العامة في الممارسات الجنسية وبقية العلاقات الأخرى , بإدخال التخويف الداخلي الناجم عن التهديد الدائم بالعقاب , والتركيز لتغيير بنية النفس البشرية وجعلها تتقبل مصيرها المرتبط بالخير والشر في واقع محدد ومؤجل بناءً على غاية الخالق وطبيعة مجرى سلوك الخلق أنفسهم وتوظيف الحساب الأبدي للتقليل بقدر المستطاع من الأهواء البشرية المنحرفة .
قلبت الأديان المعادلة الجنسية بشكل تام وشامل وأصبحت من حق الذكورة في اختيار الهوية الجنسية , وأصبح الذكر هو الأساس في قيام العلاقة الجنسية على أساس الزواج واتخذ الزواج طابع الوكالة ليصبح الأب أو ما ينوب عنه هو الأساس في تحديد قيام علاقة الزواج واختيار الزوج المناسب واتخذت طاعة الزوجة للزواج شكلاً إيمانياً.
هذا ما جعل المجتمع يتمتع بنصف القوى الإبداعية الصادرة عن الرجل وحده مما أدى إلى توجيه التطور باتجاه لم يحصل لو أن النصف الآخر مفتوح الحرية لإظهار إمكانياته وإبداعاته الذاتية والمشاركة الفعّالة في الحياة الاجتماعية ولاقتصادية والثقافية وجميع المسائل المتعلقة بالتطور والنمو العام للمجتمع.
إن جميع المسائل المتعلقة بواقع التحليل والتحريم والانحرافات الجنسية وأنواع العقوبات المفروضة على البشر بشقيها الأرضي والسماوي, أدى إلى صياغة الحياة وفق نمطية حياتية متطابقة مع هذه التعاليم في غاياتها العامة وجميع التداخلات الإنسانية النابعة من مصلحة المستفيدين من هذه الأحكام والمؤثرين في المجتمع من خلال المراكز الاجتماعية والاقتصادية والفكرية التي يحتلونها , كيّفوا هذه المسائل وفق ما يخدم مصالحهم وتتابعت عمليات التأويل والتفسير بحيث أصبحت من التنوع بشكلٍ لا يطاق, كما جعل الحياة الاجتماعية وطرائقها الحياتية متنوعة ومتباينة في مضامينها ومفاهيمها تجاه المسألة الجنسية , وجعلت إمكانيات الخرق الدائم لهذه المسائل قائماً عبر التاريخ , رغم أن المسألة الجنسية كانت تمثل قمة المشاكل والمشاغل الاجتماعية , فقد تطورت بتنوع كبير واتخذت مفاهيم متعددة في الحياة العامة , ونمت البشرية بأخطائها الكثيرة , ونظراً للتراكمات الهائلة في الفكر الجنسي اتخذ الجنس وضعاً بنيوياً في غاية التعقيد ومسألة حل مشاكله معقدة , وما زال الجنس يمثل انحرافاً عن ماهيته الجوهرية , سواءً اتخذت بعض الحضارات مطلق الحرية وجميع التسهيلات لتأمين الناحية الجنسية واستخدام كافة الوسائل للترويج والدعاية له , فإن الجنس لم يخرج عن الواقع الإنحرافي العام ولم يدخل بعد الحياة الطبيعية لأنه مبني في أساسه على صيغ انتفاعية وأداةً من أدوات الترويج والسيطرة وأحد أنواع السلب والاستغلال .
فالإنتاج المتنوع للفكر والقيم الأخلاقية وظهور الدراسات التحريرية القائمة على تغيير بنية الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنمو الحضاري السريع وتعميم الإنتاج التكنولوجي والاليكتروني وسهولة النقل الدعائي الموجه للتأثير على مجمل الإمكانيات البشرية وتوجيهها لخدمة الحوار والصراع العالمي وطغيان النفوذ الإمبريالي لترويج وتسويق البضائع بكل أشكالها وما يرافق ذلك من ظهور علاقات سلوكية في غاية التنوع , نظراً لانعكاس الواقع العالمي على النفسية الإنسانية , وتأثير هذا الوضع على العلاقات الجنسية في المجتمعات الإنسانية كافةً.
فقد ظهرت علاقات حب قائمة على التفاهم وأدراك المصلحة المشتركة واستطاع كل من الذكر ولأنثى أن يتفهم وضع الأخر وإمكانياته ومقدرته العقلية وبنائه النفسي وتحقيق الانسجام من خلال علاقات زوجية مبنية على الاحترام المتبادل وحل جميع الإشكالات القائمة في الحياة عن طريق المساهمة المشتركة والنشيطة للطرفين وتأمين حد مقبول من الحرية تخدم كلاً من هما وتحقق الرغبة المشتركة في تنمية الوعي الذاتي للطرفين بما ينعكس على الأسرة ويخلق واقعاً أفضل لنمو الطفل بعيداً عن الإشكالات الكلاسيكية المعرقلة للسعادة الزوجية والرابطة الاجتماعية الواقعية.
في المقابل نشأت علاقات جنسية فوضوية بعيدة كل البعد عن الالتزام و تحقيق الرغبة المشتركة للطرفين بشكلها الطبيعي مما جعل هذه العلاقات عابرة و سطحية بعيدة عن شروط الاستمرار ,تعبر عن نزعة مفرطة بالبيولوجية المحضة , و بعيدة عن الانسجام النفسي و الاجتماعي نظراً للتأثير السيئ لمجمل الأساليب الدعائية الصادرة عن الأوساط الساعية لتحقيق أعلى قدر من الفوضى الجنسية و حرف الإنسان عن مشاكله الحياتية و اهتماماته الإنسانية ,و جره إلى متاهات سلوكية في غاية السطحية و الللامسؤولية ,مما يساعد على الارتقاء الأمثل لهذه الأوساط و توسيع نفوذها و تسهيل إمكانية المحافظة على واقع يؤمن لها الاستمرارية و الوجود و تحقيق أعلى قدر من الربح و ترويج الإنتاج و الفوضى الجنسية القائمة في الواقع الراهن و على الصعيد العالمي ,و تشكل خطراً على سلامة الإنسان الطبيعي و تخلق عنده وضعاً مريباً و إنعتاقاً تاماً من المبادئ و القيم الإنسانية فيظهر الإنسان في حياته ضمن الواقع الاجتماعي منهار القوى لا يعرف الاتجاه الصحيح لمتابعة حياته متجنباً هذا الانهيار و تظهر الحياة أمامه بنية سوداء تبشر بالرعب و الحقد فتنهار قواه العصبية و النفسية و يزداد الوهم و الوهن في ذاته و ينشأ وضع مقيت يظهر الناس مثل الدمى بدون اتجاه ولا هدف و لا فاعلية مما يؤدي إلى نشوء وضع مقلقل يؤجج واقع الإرهاب و يعزز بؤر الفساد و الأمراض و غيرها من أساليب الخداع و التدهور في بنية الحياة الإنسانية .
فالحقيقة العلمية تؤكد بأن الفوضى الجنسية و عدم الوعي التام و الدقيق لهذه العلاقات لا يمكن أن يخلق غير إنسان مسلوب العواطف و القيم الأخلاقية مما يجعل جميع الروابط القائمة على هذه العلاقات هامشية و بعيدة عن الوعي و المسؤولية ,و يصل الإنسان فيها لدرجة الحرمان من جميع الإمكانيات القادرة لتحقيق غايات أكبر وأوسع و تصبح علاقة الإنسان بالإنسان مبنية على مجموعة من القواعد المنحرفة التي توسع دائرة الرعب الداخلي للإنسان و تشكل خطراً حقيقياً على بناءه الداخلي النفسي و الفعلي و تفقده إمكانية العطاء الحر و الإنساني ,و بعد أن تتأكد الإنسانية بأن الفوضى الجنسية كارثة حقيقية لعدم تدخل الوعي المعرفي للإنسان في إنسانيته ,لتنظيم و ضبط الأفعال الجنسية المنهارة لهذا السلوك المنحرف للبشر ,وظهور القوى الإبداعية الخلاقة و الموجهة نحو تعميم السعادة لجميع النفوس بعد الإدراك العام لجميع الأبعاد الصحيحة للانسجام الإنساني , و ظهور التطابق في الوعي الديناميكي لإنسانية الحضارية القادمة بعد حذف وإسقاط جميع الوسائل الحالية المكرسة و الموجهة لتحقيق النفوذ و السيادة و السيطرة و ترك النزعة الإمبريالية العامة و الاتجاه نحو السوية الإنسانية الحقيقية في تحقيق تعاون و تكافؤ القوى الاجتماعية و توازن القيمة الحقيقية للشعوب العالمية في الأخذ و العطاء و الوصول إلى النقطة الجوهرية لسيادة الإنسان و الطبيعة عند ها ينشأ وضع بعيد عن أي توجيه انتفاعي للنوازع الأخلاقية للإنسان المنسجم مع مبادئ وأهداف هذه الحياة و تصبح العلاقات بكافة أشكالها غاية كمالية كريمة تعطي الإنسانية عمقها و حيويتها و حريتها و تصبح عندها العلاقات الجنسية متكافئة و منسجمة ناتجة عن السوية الإنسانية و إحدى صيغ الإنسانية الدائمة و يصبح كل من الرجل و المرآة قادرين على ترك الخطأ في حينه و إقامة علاقات مبنية على الحب و التوازن الأخلاقي التام.

حسين عجميّة
Ansaroz56@gmail.com

الجنس في واقع ما بعد الأديان





إن جميع المسائل المتعلقة بواقع التحليل والتحريم ولانحرافات الجنسية، وأنواع العقوبات المفروضة على ذلك بشقيها الأرضي والسماوي، أدت إلى صياغة الحياة وفق نمطية حياتية متطابقة مع هذه التعاليم في غاياتها العامة، وإن التدخلات الإنسانية النابعة من مصلحة المستفيدين من هذه الأحكام، والمؤثرين في الحياة الاجتماعية من خلال المراكز التي يحتلونها، كيّفوا هذه المسائل وفق ما يخدم مصالحهم، وتتابعت عمليات التأويل والتفسير، وأصبحت من التعددية والتنوع بشكلٍ لا يطاق، مما جعل الحياة الاجتماعية، وطرائقها الحياتية متنوعة ومتباينة في مضامينها ومفاهيمها تجاه المسألة الجنسية ، وجعلت الخرق الدائم لهذه المسائل إمكانية قائمة عبر التاريخ، رغم أن المسألة الجنسية كانت تمثل قمة المشاكل والمشاغل الاجتماعية، فقد تطورت بتنوعٍ كبير واتخذت مفاهيم متعددة في الحياة العامة، ونمت البشرية بأخطائها الكثيرة، ونظراً للتراكمات الهائلة في الفكر الجنسي، فقد اتخذ الجنس وضعاً بنيوياً في غاية التعقيد والمسائل الجنسية تظل معلقة ومعقدة، وعملية ربطها بالثقافة الاجتماعية أمرٌ في غاية الصعوبة ، بالرغم من الدراسات الهائلة والمستفيضة حول هذا الموضوع، والتطور الهائل في الحياة الحضارية والثقافة الإنسانية ، وما زال الجنس يمثل انحرافاً دائماً في ماهيته الجوهرية ، سواء اتخذت بعض المجتمعات مطلق الحرية وجميع التسهيلات لتأمين الناحية الجنسية ، واستخدام كافة وسائل الدعاية والترويج له، فإن الجنس لم يخرج عن الواقع الإنحرافي العام، ولم يدخل بعد دائرة الحياة الطبيعية، لأنه مبني في أساسه على صيغ انتفاعية ، وأداة من أدوات الترويج والسيطرة ، وأحد مظاهر السلب والاستغلال .
ولم تزل الانحرافات الجنسية تتعمق وتتخذ أشكالاً في غاية الخطورة والتدمير للنفس للإنسانية، سواءٌ أكانت هذه الانحرافات ناتجة عن واقع التعصب والانغلاق المعاش قي واقع مفروض ومحدد بقواعد أخلاقية فوقية صارمة ومبنية على تطبيق المفاهيم السلفية والغايات الدينية ، أو الانحرافات الجنسية النابعة عن أسباب مادية كالضيق في الحياة الإنتاجية والاقتصادية أو نتيجة لأهداف تمردية في واقع الحياة الجنسية، وإذا أردنا أن نتعمق في ماهية الانحرافات نراها بأسبابها الداخلية المتميزة بنوعين متباينين عند الرجل والمرأة ، فالانحراف عن القواعد السلوكية المتبعة تجاه الحياة الجنسية عند الرجل ظهرت كنتيجة لعوامل متعددة ، إما أن تكون نابعة عن نزعة الامتلاك لعدد من النساء، وهي نزعة متولدة من الفوقية المعطاة لواقع الرجل وأفضليته على النساء، مقولة عمقت حبَ السيادة، وإخضاع المزيد من النساء للسلطة الذكرية، والاعتراف برجولتها، وقدرتها على صيد مزيدٍ من النساء في شراكها، هذه العلة مبنية في غاياتها الأساسية على التعبئة المستمرة والتربية المتميزة التي تلقاها الرجال عبر نموهم التاريخي ولاجتماعي، لقد نمّت عندهم نزعة تمردية على الواقع الجنسي المفروض، واتخذت أشكالاً في غاية الخبث والتآمر لأجل إيقاع المزيد من النساء في شرك العلاقة الجنسية والاحتقار الفظيع للنساء اللواتي يقعن في هذا الشرك، وقذفهنّ بشتى عبارات القذارة والانحراف والخبث،مما جعل واقع المرأة حائراً لا يلوى عل شيء سوى مواجهة جميع أشكال التآمر الصادرة عن الرجال، إما برفضها وعدم الاكتراث بها ، عندها تتحمل المرأة واقع الإهانة والاحتيال من جرّاء هذا الرفض، واحتفاظها بواقع الالتزام بالمبادئ الأخلاقية العامة ،أو بالقبول بهذه الدسائس والمؤامرات، لتنال شتى أنواع العقوبة والإهانة المفروضة والموجهة من المجتمع للنساء المنحرفات ، مع غض النظر عن الرجال المنحرفين ، والنظر إليهم نظرة التقدير من الناحية النفسية ، أو النظر إليهم كزناة من الناحية الدينية ومقولاتها العامة تجاه الزناة .
أما الانحراف الصادر عن الأنثى فقد اتخذ عل الدوام واقع الانهزامية والضعف والتبعية الناتجة عن الواقع السلبي التي تعيشه المرأة في المجتمع، وكثيراً ما كان الانحراف عند النساء يعبر عن مضامين حياتهم البائسة الفقيرة ، بحيث تخضع المرأة لأي قيمة مادية أو إغراء صادر عن الرجال، مقابل تحقيق العلاقة الجنسية ، وغالبا ما يخلق هذا الوضع واقعاً انهزامياً مريراً في نفسية المرأة لأنها منقادة وبقوة لا إرادية إلى ممارسة ما لا تطيق ومع من لا تحب، ويتعمق الصراع النفسي ويصبح من الشدة بحيث يؤثر على الوضع الصحي للمرأة، فتعيش واقعاً انفصالياً في شخصيتها ، مما يدفعها إلى ارتكاب انحرافات متزايدة قد تتخذ طابعاً مكشوفاً، يؤدي إلى مواجهة أقسى العقوبات المفروضة من المجتمع ، وتتلقى جميع أنواع الإهانات وأشدها تأثيراً وتدميراً لسلامتها النفسية ، وكثيراً ما تؤدي هذه الإهانات إلى القبر.
أما واقع الخيانة الزوجية كثيراً ما تحدث نتيجة لإرغام النساء بالزواج من رجال رغم رفضهن، وعدم وجود التكافؤ والرغبة المشتركة في العيش والمشاركة الحرة بين الطرفين ، مما يخلق عند المرأة واقعاً رفضياً سرّياً يؤدي إلى انحراف الأنثى، والإخلال بالتزاماتها الزوجية وخرقها، والانحراف الجنسي مع أول فرصة تقع في حياتها، ومع أي رجل يمكن أن يكون بديلاً عن الزوج المفروض، وتتخذ هذه العلاقات طابعاً نفسياً تناقضيّاً يعيش في داخل المرأة ويقسمها إلى تيارين أخلاقيين، تيار الخرق الذاتي لواقع الأخلاق العامة ، وارتكاب أفعال الزنى المحرمة دينياً، والوهم الناشئ من جرّاء ممارسة أعمال الزنى والعقوبات الإلهية المفروضة على هذه المخالفات ، والثاني تيار الخوف من الإهانات والعقوبات المرتبطة مع افتضاح أمر هذه الممارسات، وظهورها إلى الواقع والصعوبة في مواجهة الواقع بالذات، مما يؤدي إلى تفشي الرعب والخوف الشديد وينشأ وضع نفسي داخلي مبني على الهزيمة المريرة لواقع الأنثى الأخلاقي واحتقارها الدائم لكيانها الأنثوي.
أما الانحراف الناشئ عن الإغواء الصادر عن الطرفين يمثل الانحراف الذاتي الناتج عن استيعاب المعرفة التكوينية للشخصية خلال نموها التاريخي ، وغالباً ما تعطي هذه النتيجة تواجد ظروف اجتماعية معينة وعدم استيعاب تلقين المعرفة الأخلاقية وخاصة تجاه الجنس. فالمرأة التي تصرف أكثرية وقتها للتفكير في كيفية إغواء الرجال تستخدم مجمل الإمكانيات المتواجدة لديها للوصول إلى الطريقة المثلى لإغواء الرجال، وإيقاعهم في شرك علاقة انحرافية ناتجة عن الانتقام الموجه ضد الرجال ، باعتبار المرأة تختار هذا الجانب من السلوك كرد فعل على مجمل المفاهيم القائمة في الواقع ، والمؤيدة للرجل ، بحيث تعتبر بعض النساء أن قوة الرجل لا تقهر ومتفوقة جسمياً ونفسياً وفكرياً على النصر النسائي في إطار الثقافة التاريخية ، فالرجل متميز في خصائصه السلوكية والاجتماعية ، عندها تستخدم الإغواء للانتقام من قيم الذكورة هذه، ويكون لها غايات تعبر في مضمونها عن الاحتقار الشديد للذكورة بحيث تتصرف الأنثى مستخدمة أشكال الإغواء للإيقاع بالذكور ، وإظهار التفوق الجنسي عليهم، فتظهر الأنثى وكأنها فارس يقود المعركة للانتصار الكبير على مفاهيم الذكورة وإثبات القوة الذاتية للأنثى من خلال هذه المعركة، ويعتبر هذا الانحراف أشد أنواع الانحرافات خطورة على النفس الإنسانية لأنها تمثل في جوهرها ردّاً مريضاً لواقع مملوء بمفاهيم مغلوطة عن الناحية الجنسية .
وتدخل هذه المفاهيم دائرة التمزق الكبير الذي تعانيه الأنثى المنحرفة ، ومدى حقدها على الواقع ويصبح الانحراف عندها هو الحل الأمثل للتعبير الذاتي عن رفض هذه المفاهيم واحتقارها المتمثل بالرجل.
هذا الواقع الأنثوي يعبر عن أخطاء نفسية بنيوية، تكونت عند المرأة مع عملية التربية الاجتماعية، وتطورت في داخل التركيبة النفسية للمرأة، ونتج عنها أشكال انحرافية في غاية الخطورة على واقع الحياة الاجتماعية، وأحياناً تأخذ هذه المفاهيم عند المرأة صور فتاكة ، بحيث تُقدم المرأة على قتل الرجل وتعذيبه بعد تقديم شتى أشكال الإهانات الجنسية والنفسية، مما يجعل أمر تدارك مثل هذه الأفعال في غاية الصعوبة، وأمر معالجتها يحتاج إلى إعادة النظر بجميع المفاهيم السلوكية والتربوية، لإعادة تكوين الأنثى الواعية ، والمتفهمة لجميع المعارف الإنسانية، وانظر إليها نظرة علمية لتجنب الوقوع في مخاطر الانحراف الفظيع، والمؤثر على نفسية النساء وواقعهن بشكل عام.
أما الانحراف الناشئ عن الإغواء الصادر عن الرجال، يمثل في قصده ومضمونه ذروة الإذلال للمرأة وإثبات واقع الذكورة برجولة وذكاء، مستخدماً كافة الفنون والإمكانيات الشخصية لتحقيق الانتصار على النساء وإيقاعهن في شرك علاقة جنسية بعيدة عن السوية الإنسانية، والهادفة إلى إثبات ذكورة الرجال أولاً، وممارسة الاحتقار للنساء وإثبات انهزامية العنصر النسائي وعدم صلاحيته لأي جانب غير الجانب المخصص للناحية الجنسية ثانياً.
هذه النظرة المريضة، ناتجة عن الفهم المغلوط عن عملية التبادل الجنسي، وتحقيق الحاجة الجنسية عند الطرفين بشكل غير متكافئ وعيد عن أي غاية سامية للحياة.
هذا الفهم ألذكوري ناتج عن أخطاء تربوية اجتماعية إضافةً إلى المعرفة التاريخية توحدت لتخلق رجالاً يسلكون أشد أنواع الانحراف من خلال الاستخدام المتعدد الجوانب للإغواء الهادف إلى حرف النساء عن الواقع الاجتماعي وقواعده الأخلاقية، لأن جميع المضامين الاجتماعية والنفسية والفكرية تهدف إلى الوصول للممارسة المتعددة وتعبر عن واقع انتصار الذكر دائماً.
أما الواقع الحالي العام يعيش مجموعة متعددة من البنى الفكرية والاجتماعية والاقتصادية أدت في مجملها إلى تنويع العلاقات الجنسية وكيفية التعامل معها واستيعابها، فظهرت آراء ومقولات متعددة لتوضيح وشرح النازع الجنسي وأثره على الحياة الشخصية وغيرها، وتكريس واقع مخلوط ناتج من مفاهيم مختلطة ومتنوعة في نظرتها وحياتها عن الممارسة الجنسية نظراً للتناقض القائم في البنى الاجتماعية العالمية وتنوعية المكتسبات الموروثة أو المنقولة نتيجة التبادل الحضاري العالمي، مما خلق واقعاً متنوعاً في مضمونه العام ، والمتأثر بمجموعة البنى الاقتصادية ذات التأثير الواضح على مجمل نواحي الحياة العامة ، والنظرة الفلسفية الاجتماعية عن الحياة خلقت وضعاً يتسم بتمازج الثقافات الكونية وانعكاساتها على مجمل البناء النفسي للإنسان المعاصر.
وما زال الواقع الفكري السلفي بجميع مفاهيمه الدينية الموروثة عن التعاقبية الدائمة الأجيال يعيش في الذات الإنسانية ، ويحتل مكاناً معيناً في بنيتها لينعكس بشكل مباشر وغير المباشر على الحياة العملية للإنسان، وعلى الرغم من التعددية الكبيرة للمفاهيم السلفية القائمة ونظرتها العامة فيما يخص موضوع العلاقات الجنسية وأسسها وكيفية التعامل معها، والطرق التربوية القائمة بناءً على هذه المفاهيم وطرق تعميقها وإدخالها في أذهان الأجيال القادمة.
ومن الناحية الأخرى فقد بدأت النظريات الاجتماعية والفلسفية المخصصة لحقل العلاقات الجنسية ، تدخل دائرة الفعل الإنساني وتتعمق في البناء الفكري والنفسي للإنسان، وتأخذ واقعاً سلوكياً معبراً عن ماهية هذه النظريات فكراً وسلوكاً، مما يجعل المجتمع يعيش حالة من التداخل الكبير في مجمل العلاقات القائمة وأثرها على التطور اللاحق للإنسانية، لدرجة يصعب عندها الفرز الدقيق لمجمل القيم الأخلاقية الداخلة في تركيبة الذات البشرية.
وبدأت بالمقابل تنتشر مجموعة من الممارسات الانحلالية الناتجة عن التطور المغلوط للحضارة وعملية تأثيرها على واقع الإنسان المعاصر، ونظراً للأهداف التدميرية الكبيرة هذه المفاهيم بقصد الوصول إلى واقعٍ منحرف من المسير الإيجابي للحياة ، واقع لم يزل غير قادر على فهم واقع الحياة في ماهيتها الحقيقية مما يشكل في المستقبل ضغطاً مرعباً على مروجي هذه الأفكار وإزاحة الأرض من تحت أرجلهم ، وإرباكهم لأنهم كانوا السباقين لنشر واقع قائم على الربح الفظيع ، على الصعيدين المادي والتكنولوجي والمواضيع المرافقة لهما من قيم فكرية وأخلاقية واجتماعية وإلهاء العالم في متاهات الانحراف القائم في أساسه على تحقيق واقع ملئ بالسيطرة والعنف وقتل الذات الإنسانية. هذا ما وصلت إليه بعض الحضارات من جرّاء ترويج الإباحية القائمة على العنف ليس ضد المجتمع فحسب بل ضد نفسية الفرد بشكل خاص. وإن مجرد قيام بعض العلاقات الجنسية المبنية على الوفاق والحب لا تملك الوسائل الفعّالة لأجل صيانة مسارها وقد تنزلق في المسار العام للفوضى والسلوك المنحرف.
حسين عجمية
Ansaroz56@hotmail.com

الحنس والقيم المتناقضة للحضارة




إن الإنتاج المتنوع للفكر والقيم الأخلاقية ونظام المعارف التاريخية ، وظهور الدراسات التحريرية القائمة على تغيير بنية الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنمو الحضاري السريع، وتعميم الإنتاج التكنولوجي والاليكتروني وسهولة النقل الدعائي الموجه والتأثير على مجمل الإمكانيات البشرية، وتوجيهها لخدمة الرؤوس العالمية ، وتقسيم العالم وفقاً للمنحى العام للقوى القائمة على النفوذ، وتعميم النفوذ الإمبريالي لترويج وتسويق البضائع بكل أشكالها وما يرافقها من ظهور علاقات سلوكية في غاية التنوع، نظراً لانعكاس هذا الواقع على النفس الإنسانية ، وتأثير هذا الوضع على العلاقات الجنسية على كامل المساحة الجغرافية للبشر.
فقد ظهرت علاقات حب قائمة على التفاهم وإدراك المصلحة المشتركة، واستطاع كل من الذكر والأنثى أن يتفهم وضع الأخر وإمكانياته ومقدرته العقلية وبنائه النفسي، وتحقيق الانسجام من خلال ظهور علاقات زوجية مبنية عل الاحترام المتبادل، وحل الإشكالات القائمة في الحياة عن طريق المساهمة المشتركة والنشيطة للطرفين، وتأمين حدٌ مقبول من الحرية تخدم كلاً منهما، وتحقق الرغبة المشتركة في تنمية الوعي الذاتي للطرفين، وبشكل ينعكس على الأسرة ويخلق واقعاً أفضل لنمو الطفل بعيداً عن الإشكالات الكلاسيكية المعرقلة للسعادة الزوجية والرابطة الاجتماعية الواقعية.
وفي المقابل نشأت علاقات جنسية فوضوية بعيدة كل البعد عن الالتزام وتحقيق الرغبة المشتركة لطرفين بشكلها الطبيعي ، مما جعل هذه العلاقات عابرة وسطحية بعيدة عن شروط الاستمرار، وتعبر عن نزهة مفرطة في البيولوجية المحضة ، وبعيدة عن الانسجام النفسي والاجتماعي ، نظراً للتأثير السيئ لمجمل الأساليب الدعائية الصادرة عن الأوساط الساعية لتحقيق أعلى قدر من الفوضى الجنسية ، وحرف الإنسان عن مشاكله الحياتية واهتماماته الإنسانية وجره إلى متاهات سلوكية في غاية السطحية واللامسؤولية ، مما يساعد على الإبقاء الأمثل لهذه الأوساط ، وتوسيع نفوذها وتسهيل إمكانية المحافظة على واقع يؤمن لعا الاستمرارية والوجود، وتحقيق أعلى قدر من الربح ، وترويج الإنتاج والفوضى الجنسية وتشكيل خطر على سلامة الإنسان الطبيعي، لتخلق عنده وضعاً مريباً وانعتاقاً تاماً من المبادئ والقيم الإنسانية، فيظهر الإنسان في حياته الشخصية منهاراً خائر القوى ، لا يعرف الاتجاه الحقيقي لمتابعة حياته متجنباً هذا الانهيار، وتظهر الحياة أمامه بنيَةٌ سوداء تبشر بالرعب والحقد، فتنهار قواه العصبية والنفسية ، ويزداد الوهم والوهن في ذاته، وينشأ واقع مقيت يظهر فيه الناس مثل الدمى بدون اتجاه ولا هدف ولا فاعلية ، مما يؤدي إلى نشوء وضع متقلقل يسعى بقواه الفاعلة نحوى الاستقرار، ويبشر بالانقلاب الكبير للتاريخ للمحافظة على المسيرة الإنسانية من الانهيار.
فالحقيقة العلمية تؤكد أن الفوضى الجنسية وعدم الوعي التام والدقيق لهذه العلاقات ، لا يمكن أن تخلق غير إنسان مسلوب العواطف والقيم الأخلاقية مما يجعل جميع الروابط القائمة على هذه العلاقات هامشيةٌ وبعيدة عن الوعي والمسؤولية ، ويصل فيها الإنسان لدرجة الحرمان من جميع الإمكانيات القادرة لتحقيق غايات اكبر وأوسع، وتصبح علاقة الإنسان بالإنسان مبنية على مجموعة من القواعد المنحرفة ألتي تؤدي إلى توسيع دائرة الرعب الداخلي للإنسان، وتشكيل خطراً حقيقياً على بنائه الداخلي ( النفسي والعقلي ) وتفقده إمكانيات العطاء الحر والإنساني.
وبعد أن تتأكد الإنسانية من أن الفوضى الجنسية كارثة حقيقية لعدم تدخل الوعي المعرفي للإنسان في إنسانيته، لتنظيم وضبط الأفعال الجنسية المنهارة لهذا السلوك المنحرف للبشر، وظهور القوى الإبداعية الخلاقة والموجهة لتعميم السعادة لجميع النفوس بعد الإدراك العام لجميع الأبعاد الصيحة للانسجام الإنساني، وظهور التطابق في الوعي الديناميكي لإنسانية الحضارة القادمة ، بعد حذف وإسقاط جميع الوسائل الحالية المكرسة والموجهة لتحقيق النفوذ والسيادة والسيطرة وترك النزعة الإمبريالية العامة، والاتجاه نحو السوية الإنسانية الحقيقية ، وتحقيق معادلة تعاون وتكافؤ القوى الاجتماعية ، وتوازن القيمة الحقيقية للشعوب العالمية في الأخذ والعطاء والوصول إلى النقطة الجوهرية لسيادة الإنسان والطبيعة* ، عندها ينشأ وضع بعيدٌ عن أيِّ توجيه انتفاعي للنوازع الأخلاقية للإنسان، وتصبح هذه النوازع ملكاً للإنسان المنسجم مع مبادئ وأهداف هذه الحياة ، وتصبح العلاقات بكافة أشكالها غاية كمالية كريمة تعطي الإنسان عمقها وحيويتها وحريتها، عندها تصبح العلاقات الجنسية متكافئة ومنسجمة وناتجة عن السوية الإنسانية وإحدى صيغ الإنسانية الدائمة ، ويصبح كل من الرجل والمرأة قادرين على ترك الخطأ في حينه وإقامة علاقات مبنية على الحب والتوازن الأخلاقي التام.

*سيادة الإنسان والطبيعة: لأن العلاقة تبادلية وليست فوقية ، فكما يتحسن وضع الإنسان يجب أن تتحسن الطبيعة التواجد فيها بالذات.

حسين عجمية
Ansaroz56@hotmail.com